اخر المواضيع
yllix
bidvertiser
ad
احـــــــــــلامنا
قوة فلسطين ليست في ضعفها
الزيارات:
الزيارات:
Unknown
|
7:31 ص
|
الأخبار
كتبت : وفاء عبد اللطيف
بقلم : معتصم حمادة
أوضحت تجربة العدوان على القطاع أن القيادة السياسية وقعت فريسة سياسات مسلوبة الإرادة، وفقدت القدرة على إدارة ملفات شديدة التعقيد كالملف الفلسطيني
شهد لبنان، في إحدى مراحل صراعه مع العدو الإسرائيلي، تيارات سياسية كان شعارها «قوة لبنان في ضعفه»، في محاولة منها، مكشوفة، للتهرب من تحمل مسؤولياتها القومية، والوطنية، في التصدي لأعمال العدوان الإسرائيلية، التي استهدفت لبنان، منذ العام 1948، وهجرت عدداً من سكانه، كما استهدفته في فترات لاحقة، حتى قبل أن تدخل المقاومة إلى جنوبه.
وأثبتت الوقائع اللاحقة، أن هذا الشعار البائس لا يوفر للبنان الأمن والاستقرار، ولا يعفيه من احتمالات الصدام مع العدو الإسرائيلي، الذي كان يطمع بالجنوب اللبناني وبمياهه، حتى قبل دخول المقاومة أراضيه، والذي كان يطمح للتدخل في شؤونه الداخلية، وتقسيمه طائفياً ومذهبياً. ولعل مذكرات قادة العدو الصهيوني، من الجيل المؤسس لإسرائيل تكشف الكثير من الأسرار المتعلقة بالخطط الإسرائيلية واستهدافها لبنان، في إطار أطماع الكيان الصهيوني بهذا البلد الصغير.
كما أثبتت التجارب اللاحقة، تجارب لبنان نفسه، وتجارب شعوب أخرى عاشت المقاومة ضد الاحتلال وضد العدوان الخارجي، أن المقاومة، بكل الأشكال الممكنة، وأن الثبات والصمود في وجه العدوان وفي وجه الاحتلال، وأن تنظيم الصفوف واستنهاض عناصر القوة بما فيها قوة الوحدة الداخلية، هي التي توفر الأمان السياسي لأي شعب ولأي بلد، وهي التي تدفع المجتمع الدولي للتدخل، تحت سقف القانون الدولي والمواثيق الإنسانية، وهي التي تردع العدوان، وترغم القائمين به للعد حتى العشرة، بل حتى العشرين، قبل اتخاذ أية خطوة تصعيدية، حتى لا تحمل هذه الخطوة مخاطر غير محسوبة، بما في ذلك تكبيد العدوان المزيد من الخسائر البشرية.
ولعلّ تجربة المقاومتين الفلسطينية (في لبنان وداخل فلسطين) واللبنانية حافلة بالدروس الغنية، التي تؤكد أن الصمود والقتال، وإلحاق الخسائر البشرية بالعدو، وإرغامه على دفع الثمن الباهظ لمغامراته العسكرية وأعماله العدوانية ... هو السبيل لإرغامه على الدخول في تفاهمات للتهدئة، والكف عن العربدة.
مناسبة هذا الكلام ما شهدناه خلال الأسبوع الماضي من معالجات فلسطينية على المستوى القيادي السياسي الأول، للعدوان على القطاع، وللعربدة الإسرائيلية في الضفة. لقد بدأ الأمر واضحاً وكأن حكومة نتنياهو تثأر من قطاع غزة وشعبه ومقاومته، رداً على حادث خطف وقتل ثلاثة من المستوطنين اليهود في بعض مناطق الخليل. ولعل بعض التصريحات الفلسطينية التي جاءت تعليقاً على اختفاء الثلاثة واتهام الفاعلين بأنهم أرادوا تدمير السلطة، ولعل بعض التصريحات الإضافية التي تقاطعت مع تصريحات قادة إسرائيليين، مهدت الجوّ «لردود الفعل» الإسرائيلية ذات الطابع الإجرامي، خاصة وقد بدت أجهزة السلطة وكأنها مقصرة في حماية الثلاثة، كما بدت وكأنها معنية بمساعدة الإسرائيليين في البحث عنهم.
من هنا بدت الحالة الفلسطينية وكأنها عادت إلى ما قبل تشكيل حكومة الحمد الله بديلاً للحكومتين السابقتين، وإلى ما قبل إنهاء حالة الانقسام. وتعاملت إسرائيل وبعض أطراف الحالة الفلسطينية وكأن قطاع غزة ملك لحماس، وأن معاقبة حماس، والمقاومة الفلسطينية يكون على أرض القطاع. كما بدا وكأن الضفة الفلسطينية هي ملك لفتح، وكأن الحالة الفلسطينية موزعة بين إقليمين، لكل إقليم حساباته الإسرائيلية الخاصة به.
ولقد عمق من سلبيات هذه الصورة بعض التصريحات الرسمية التي قدمت القيادة السياسية الفلسطينية الرسمية وكأنها مجرد هيئة إنسانية محايدة، لا يهمها من يكسب الحرب ولا يهمها من يخسرها، بل ما يهمها، كما أوضحت، هو وقف العنف، ووقف العمليات الحربية. كان موقفاً غاية في الإحباط، وغاية في التفكيك. ما من أحد يتمنى لو أن العدوان يستمر طويلاً على القطاع، ويكبد سكان القطاع المزيد من الخسائر، لكن الموقف «المحايد» هذا، لا يليق بقيادة شعب يخوض معركة الاستقلال والعودة ويدافع عن وطنه ضد الاحتلال والاستيطان، وضد العدوان المتواصل وسياسة القتل والاعتقال والخطف وإعدام الأطفال الفلسطينيين بإحراقهم أحياء.
لقد عبرت القيادة الفلسطينية الرسمية عن سياسة مسلوبة الإرادة، قيدت وكأنها تخشى تصاعد القتال، وتصاعد العنف، ليس من موقع خوفها على سقوط الأبرياء فحسب، بل كانت عينها على الشارع الفلسطيني، تخاف أن ينفجر وأن يفلت من بين أصابعها، خاصة وأن ردود الفعل على الجريمة الإسرائيلية ضد القطاع امتدت إلى مناطق 48، وإلى مناطق الشتات، فتوحد الشعب الفلسطيني مرة أخرى، وأخذت الحالة السياسية وضعها الطبيعي، حين وضعت الصراع التاريخي في إطاره الطبيعي، وأفشلت كل المحاولات البائسة للبحث عن مداخل لإحياء ما يسمى زوراً بعملية السلام، باعتبارها الخيار الوحيد لدى القيادة الرسمية لمعالجة الصراع مع العدو الإسرائيليين.
ولعل من أهم ما لفت نظر المراقبين هو تطوع واشنطن للتوسط لوقف النار في القطاع. وهي المرة الأولى التي تتبرع فيها إدارة أمريكية للتوسط بين إسرائيل، وبين المقاومة الفلسطينية في غزة، والتي تدرجها واشنطن في عداد المنظمات الإرهابية.
وباعتقاد معظم المراقبين ما كان لواشنطن أن تتدخل لولا تحسبها لأمرين اثنين:
• الأمر الأول: إحساسها أن الجانب الإسرائيلي قد تورط في حرب لم يحسب حسابها بشكل جيد. ولقد شكلت ردود المقاومة على العدوان مفاجأة لتل أبيب ولواشنطن معاً، وبالتالي أرادت واشنطن التدخل، عبر أصدقائها في المنطقة حتى لا تتورط إسرائيل وتنزلق أكثر فأكثر في حرب ستتكبد فيها خسائر غير محسوبة، إن في تهاطل الصواريخ على المدن والمستعمرات الإسرائيلية أو في تكبد خسائر غير محسوبة في أي عمل بري قد يأخذ طابع المغامرة والمقامرة.
• الأمر الثاني: هو تخوف واشنطن من اتساع ردود الفعل الشعبية الفلسطينية، في الخارج، والمناطق المحتلة في 67، وداخل إسرائيل نفسها، مما يقود إلى خلط الأوراق، وربما رسم صورة سياسية تعقد أكثر فأكثر احتمالات العودة إلى المفاوضات، بما في ذلك انعكاس هذا الأمر على تماسك السلطة الفلسطينية وقدرتها على احتواء الحراك الشعبي الفلسطيني.
لقد أوضحت تجربة الأيام الماضية أن القيادة الرسمية وقعت فريسة لسياسات مسلوبة الإرادة، وفقدت القدرة والحيوية على إدارة ملفات شديدة التعقيد كالملف الفلسطيني بتشعباته وتفرعاته المعروفة، وأنها ما زالت تقيم سياستها على سلسلة من الرهانات الفاشلة التي جرى اختبارها في أكثر من محطة، أكدت نتائجها أنها لا تعود على الحالة الفلسطينية بأي مكسب، بقدر ما تورطها في التزامات تزيد من الأعباء الثقيلة الملقاة على عاتق الفلسطينيين، بسبب من طبيعة الالتزامات التي تتبرع بها القيادة السياسية الرسمية نحو الولايات المتحدة ونحو سلطات الاحتلال، بما في ذلك قضية التعاون الأمني حتى في ظل الحرب على قطاع غزة وأهله.
ولعل أكثر ما يخيف الحالة الفلسطينية في وضعها الراهن، ليس العدوان الإسرائيلي فحسب، على بشاعته، بل هذا الانزلاق السياسي لدى القيادة الرسمية والذي يضعها عند منعطف سياسي خطير، تختلط فيه الأوراق والمفاهيم والقيم والتكتيكات، وتغيب عنه الإستراتيجيات الواضحة، ما يدفع بمجمل الحالة الفلسطينية إلى البحث عن صيغة تنسجم والاصطفافات الجديدة التي بدأت ترسمها بعض التصريحات التي لا يصح وصفها إلا أنها - وكما أسلفنا - مسلوبة الإرادة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق